Logo Arabcivil 2024

أسُس و مراحل التخطيط لإنجاز المشاريع

تم تحديثه يوم 4 يناير, 2020 من طرف أنس المحمادي

يعتبر الوقت عاملا أساسيّا في إنجاز المشاريع و هو معيار رئيسي في قياس مدى نجاح إدارة الأشغال، حيث أنّ كل تأخر في المواعد له أثر سلبي على تكلفة المشروع و جودة الإنجاز، فتراكم التأخيرات يمكن أن يؤدي إلى إلغاء الأشغال و بذلك إلى فشل المشروع.

 

لابد من قياس الوقت و إدارته أنشطة إنجاز المشروع من أجل تحقيق الهدف الزمني للمشروع. فهناك تقنيات مختلفة تسهل هذا الأمر و هي تدخل في نطاق ما يعرف بمهارة إدارة الوقت. ففي المشاريع الهندسية تعتمد هذه المهارة أساسًا على وضع مخطط الأشغال، و هو بمثابة بوصلة المشرفين على المشروع لأنه يمَكّنه من تحديد حالة المشروع في الحاضر و يعطي نظرة واضحة لما سيأتي و بذلك تسهيل اتخاد التدابير الصائبة للتحكم في نتائج.

لتبسيط فهم التخطيط يمكننا أن نصفه من خلال نشاطين أساسيّين: تحديد الهدف و وضع برنامج الأحداث التي تمكن من الوصول إلى ذلك الهدف، و مسايرة البرنامج حسب تطور الأحداث.

 

فالمراحل الأساسية للتخطيط لإنجاز المشاريع الهندسية هي:

  1. تعريف الأنشطة: تحديد كل الأنشطة المكونة للبرنامج و اللّازم إتمامها من أجل تسليم مختلف الإنجازات المكوّنة للمشروع؛
  2. تحديد سياق تطور مختلف الأنشطة: تحديد العلاقات بين مختلف الأنشطة المكونة للبرنامج؛
  3. تقدير الموارد و الوقت المخصّص لمختلف الأنشطة: تحديد نوع و كمّية الموارد اللّازمة و كذا كمّية فترات العمل اللاّزمة لإكمال كل نشاط من الأنشطة المكونة للبرنامج؛
  4. إنشاء البرنامج التنظيمي: تحليل التساوق بين مختلف الإنجازات و الوقت المخصّص لها و كذا الشروط اللّازم لتحقيقها من أجل وضع برنامج شامل لتطور المشروع؛
  5. مراقبة البرنامج التنظيمي: متابعة الإنجازات و تجديد البرنامج طبقا للتغيّرات و تحليله بمقارنته مع التوقًّعات المسبقة.

طريقة إعداد البرنامج التنظيمي

تعريف الأنشطة

كما هو منطقي ففي البداية يجب معرفة ما سنخطِّط له قبل الشروع في التخطيط. كنقطة بداية يمكن اللجوء إلى المراجع التالية لمعرفة و فهم أعمال الإنشاء:

  • تقرير حول مدى المشروع؛
  • هيكل تفكيك الأعمال؛
  • المعلومات المؤرَّخة من المشاريع و المراحل المسبقة؛
  • الفرضيات و التّحليلات.

بعد معرفة الأعمال و كيفية إنجازها يمكن تحديد الأنشطة ب:

  • تفكيك الأعمال إلى أنشطة أكثر تفصيلا؛
  • الاعتماد على نماذج من مشاريع مسبقة؛
  • الاعتماد على اقتراحات الخبراء أو الخبرات الماضية.

عند الانتهاء من تعريف الأنشطة يجب إعداد لائحة الأنشطة و خصائصها و كذا لائحة الأحداث التي سيمرّ بها إنجاز المشروع.

لتأكد من تماسك مضمون اللّائحة ننصح بتفقّد مضمون الأنشطة من خِلال:

  • إمكانية مراقبة حالة إنجاز النشاط؛
  • إمكانية تحديد اكتمال النشاط؛
  • استخلاص منتوج قابل للقياس عند إكمال النشاط؛
  • إمكانية وضع مسؤول معيّن على إنجاز النّشاط؛
  • إمكانية تقدير مدة الإنجاز؛
  • إمكانية تقدير تكلفة الإنجاز.

 

تنظيم الأنشطة

لضبط توقيت الإنجازات و كيفية تطوُّر الأشغال يجب تنظيم الأنشطة باعتبار حيثيات إنجاز المشروع و دائما في إيطار تحسين مدة الإنجاز، نبدأ من:

  • لائحة الأنشطة و خصائصها؛
  • لائحة الأحداث؛
  • معرفة العلاقات الإجبارية و الاختيارية و الخارجية؛
  • التّوقعات أو الاحتمالات؛
  • الإطار الداخلي و الخارجي للمشروع.

يمكنان بتطبيق تقنية 'التخطيط بالمناسبة' أو 'التخطيط  بالأسهم' و بالرّجوع إلى قاعدة المشاريع و المراحل السّابقة (المصادر) أن نُنشئ مخطّط المشروع على شكل 'بيرت' أو 'غانت' و تجديد لائحة الأنشطة.

أنواع العلاقات و التّرابطات

تختلف أنواع العلاقات بين الأنشطة باختلاف تقنية التّنظيم. فبالنّسبة  لتقنية التّخطيط بالمناسبة العلاقات التي يتمّ تحديدها تعتمد أساسا على التّبعية عن طريق إنشاء مخطّط 'غانت' حيث أنّ الأنشطة تمثَّل بأعمدة طولها يتناسب مع الوقت الذي يتطلّب إنجازها و  يتم الربط بينها بأسهم حسب طبيعة العلاقات و التي يجب تحديدها كتّالي:

  • نهاية بدء، أيْ أنّ النشاط التّالي يبدأ عند إتمام النّشاط الأسبق.
علاقة نهاية بدأ

تمثيل لعلاقة نهاية بدء في مخطط غانت

  • بدء بدء، تعني أنّ الأنشطة يجب أنْ تبدأ في نفس الوقت.
علاقة بدء بدء

تمثيل لعلاقة بدء بدء في مخطط غانت.

  • نهاية نهاية، معناها هو أنّ اكتمال الأنشطة يتمُّ في نفس الوقت.
تمثيل لعلاقة نهاية نهاية

تمثيل لعلاقة نهاية نهاية في مخطط غانت.

  • بدء نهاية، تعني أنّ النشاط الأسبق ينتهي عند بداية النشاط التالي.
علاقة بدء نهاية

تمثيل لعلاقة بدء نهاية في مخطط غانت.

أمّا بالنسبة للتّخطيط بالأسهم يتمّ تحديد العلاقات بين الأنشطة من خلال إنشاء مخطّط 'بيرت' حيث أنّ الأنشطة تمثَّل بأسهم مترابطة بنقط تمثِّل مراحل معينة و هذه العلاقات هي:

  • أنشطة متتالية، يتم القيام بنشاط بعد الأخر.
أنشطة متتالية

تمثيل لنشاطين متتاليين في مخطط بيرت.

  • أنشطة متزامنة، يتم تفعيل الأنشطة في نفس الوقت.
أنشطة متزامنة

تمثيل لنشاطين متزامنين في مخطط بيرت.

  • أنشطة متعاينة، يتم إنجازها في نفس الوقت و تنتهي في نفس المرحلة.
أنشطة متعاينة

تمثيل لنشاطين متعايِنَيْن في مخطط بيرت.

 

العدد الكبير للأنشطة يجعل من الصعب أن نقوم بتنظيمها يدويا و يرفع احتمال خطر حدوث أخطاء، ففي هذه المرحلة يكون من اللازم أن نستعين ببرامج حاسوب مختصّة في التخطيط و التي ستساعدنا فيما بعد في مراقبة الإنجازات و تجديد المخطّط. هناك العديد من البرامج المتوفرة و أشهرها MS-Project لMicrosoft و Primavera لOracle، الفرق الرئيسي بين هذين البرنامجين هو أن Primavera أُنشِئَ كبرنامج ضِمْنَ برامج إدارة الشركات مما يجعله أكثر قُوّة في التحليل و في معرفة العوائق بينما MS-Project طُوّر في الأوّل كبرنامج للحاسوب الشخصي. هذه البرامج ليست معقّدة الاستعمال فباختصار هي برامج مكتب تعتمد في الحساب على الترابط المنطقي بين الأنشطة فيما بينها باعتبار الموارد المخصّصة لها و جدول زمان المشروع مع إمكانية تحديد جداول خاصة بالأنشطة و الموارد و كذلك إدخال علاقات أو أحداث خارجية على المشروع. هناك العديد من الشرحات المبسطة المتوفرة على الYoutube لتعلم استعمال هذه البرامج.

 

تقدير مدة الإنجاز و الموارد اللّازمة

تَكْمُن ضرورة معرفة الوقت الذي يستغرقه إكمال كل نشاط في تحديد التّاريخ الذي سيكون فيه المشروع جاهزا و  في تحديد تاريخ المراحل و الأحداث التي سَتَمُر منها الأشغال و كذلك في معرفت توزيع الموارد على  مختلف الأنشطة.

فلكي يكون تقدير مدة إنجاز الأنشطة منطقيا نَطْرَحُها كدالّة تتغيّر حسب:

  • العلاقات بين مختلف الأنشطة؛
  • تَقْوِيم تواجد الموارد؛
  • قدرات الموارد (التّكْريس، العطاء، المردوديّة، الأداء، ...)؛
  • المعلومات التاريخية للمشاريع و المراحل السابقة للتحديد المنطقي للعلاقات بين الأنشطة.

 

في هذا الطرح أنصح باستعمال البرامج المختصّة في التخطيط و اعتماد التقنيات التالية لتقدير المدة التي يجب تخصيصها لكل نشاط:

  • التقديرات بالمقارنة، التقدير بقياس أبعاد و مدى النشاط.
  • التقدير التصاعدي، بتقسيم النشاط إلى مجموعة من الأنشطة الفرعية و جمع الوقت الذي يتطلبه إكمال كل نشاط فرعي.
  • التقدير عبر ثلاث أقدار، حسب حالة التشاؤم و الحالة الأكثر احتمالا و حالة التفاؤل.
  • تحليل الاحتياطات، باعتبار الطوارئ أي إمكانية حدوث شيء أو مشْكل أو حادث بدون إدراك مسبق و هذا التحليل ينتج عنه إضافة هامش الطوارئ للمدة المقدرة لإنجاز النشاط و أيظا إضافة هامش آخر للمدة التي يستغرقها إنجاز المشروع ككُل.
  • و أيضا يبقى من اللازم الرجوع إلى خبرة المختصّين و أصحاب التجربة في إنجاز الأعمال المكونة للنّشاط.

 

بطرح هذه الدّالة على كل نشاط و معرفة قيود إنجاز المشروع ـ المواعيد المشروطة و الأحداث الرئيسة ـ يبقى فقط تعديل و تطوير البرنامج لكي يكون مخطّط إنجاز المشروع مكْتملاً.

المراد من تطوير البرنامج هو تحسين قراءة المعلومات التي يتضمنها، بحيث يكون من السهل مسايرة تقدم الإنجازات و فهم مختلف التغيرات. فمن الأدوات و الطّرق التي تستعمل لذلك:

  • طريقة الطريق الحَرِج، تحديد سلسلة الأنشطة التي إذا تمّ التأخر في إحداها يتم التأخر في إنجاز كل المشروع.
  • فهم المخطّط، تزامن الأنشطة، التقديمات / التأخيرات، الموارد المخصّصة.
  • إعادة توزيع الموارد، تخصيص الموارد المحدودة للأنشطة الحَرِجة.
  • الاستعانة ببرامج التخطيط.

بهذا يكْمُل تخطّيط المشاريع في المرحلة السّابق لبداية الأعمال و الحصول على مخطّط الإنجاز صالح للاعتماد عليه في إدارة الأعمال أي ما سنقوم بعمله بوَصْف الموارد اللّازمة و التّوزيع الزّمني للأنشطة.

 

أمّا خلال مسايرة الأعمال يبقا من الواجب ضبط و تحديث الشروط الإضافية على الموارد و الإنجازات و مختلف التعزيزات...، و كذلك إدارة مختلف التغيّرات في التّخطيط و تجديده.

 

نظرا لأهمية ضبط الوقت و  ضبط كل مقتضيات تحقيق هدف المشروع يتم التخطيط لكل المراحل، ابتدءاً من الدراسات الأولية حتى الإستعمال أو  الإنتاج و الصّيانة، فهو يعتر من أساسيات إدارة المشاريع و لا شك في ضرورته و مميزات الاعتماد عليه لكن من المعلوم  أن 98% من المشاريع الكبرى يتم التأخر في إنجازها و تجاوز تاريخ تسليمها. ما سبب هذه التأخرات؟ هل يكون التخطيط خاطئ؟ أو الإنجاز هو الذي لا يمكنه مسايرة ما تم التخطيط له؟

اطّلع على المزيد

مساهمة في تنمية المدنية العربية
جميع الحقوق محفوظة © Arabcivil 2024